البودكاست، الذي كان الوزير بنسعيد مستعدا لمنعه، و أدرجه ضمن مخطط مستقبلي كأول ضحية للتنظيم الذاتي المزعوم، سرعان ما لجأ إليه، بعد خروج "جيل ز" إلى الشارع، عازفا (ليس من العزف ولكن العزوف) بذلك عن قنوات الإعلام العمومي، و الإذاعات الخاصة...
و هكذا أصبح هذا الجنس الصحفي المستحدث، الذي شُحدت السكاكين لذبحه في أول فرصة، وفي أول مناسبة، و بدون مناسبة حتى.. هو الوسيلة الوحيد لإيصال صوت الوزير نفسه...
و حتى عندما سُئل الوزير خلال المناظرة الوطنية للإشهار لخدمة أصحاب أرقام المعاملات المنفوخ فيها بالدعم العمومي، من أموال الملزمين بدفع الضرائب، اختار اللف والدوران في حلقة مفرغة.
البودكاست شكل لحظة تفوّق، على روتيني اليومي، الذي كان لحظة انفجار للمكبوتات في مواقع التواصل الاجتماعي، و تسرب قليل أو كثير منه، مع كامل الأسف، إلى [الصحافة]، التي بدأت تنحاز مع هذا الشكل الإعلامي الجديد إلى الجدية، رغم ما يعانيه بعض "البودكاستيين" من غرور أو أنانية أو ما يبحثون عنه من بوز و شهرة.
الأكيد أن كل مرحلة تفرز جنسا صحفيا، غير أن مصفاة التاريخ تتدخل لتحدد عمر كل نوع.. و الجنس الوحيد الذي ضمن الاستمرارية في كل هذا الخضم هو الكتابة، البودكاست نفسه يتحقق، أولا، كنص مكتوب، قبل أن يجد طريقه إلى مدارج الكلام، و لعل الوزراء الذين لجأوا إلى هذا الجنس، لا يخونهم فقط الكلام، و ربما، أيضا، الصدق.






