سياسة واقتصاد

وزير التعليم المغربي… المدرسة ليست مصنعًا

محمد زريوح
منذ توليه حقيبة التربية الوطنية في أكتوبر 2024، أثبت محمد سعد برّادة أن الانتقال من عالم الأعمال إلى التعليم لم يكن موفقًا. وزير يبدو عاجزًا عن فهم أبسط حقيقة: المدرسة ليست شركة، والتلميذ ليس زبونًا يمكن قياس نجاحه بأرقام وإحصاءات.

لقب “وزير المصّاصات” ليس مزحة، بل انعكاس صريح لعقلية تجارية تحكم قراراته. الرجل الذي كان يصنع الحلوى للأطفال أصبح اليوم مسؤولًا عن تربية عقولهم، لكنه لم يغادر بعد عقلية المصنع: يحسب المكاسب والخسائر، ويركز على الصورة أكثر من الجوهر، ويعامل الأساتذة والتلاميذ كأرقام في تقرير إداري.

ضعف الخطاب الإعلامي والبرلماني للوزير كشف عدم جاهزيته. لغة باهتة، أفكار متقطعة، وردود سطحية، كأننا أمام مدير مبيعات يروّج لمنتج جديد، لا مسؤول مكلف بإصلاح التعليم. حتى محاولاته لتلميع صورته الإعلامية فشلت، وخطابه ظل خاليًا من أي رؤية تربوية أو استراتيجية واضحة.

احتجاجات جيل Z كانت بمثابة صفعة على وجه الوزارة. شباب خرجوا يطالبون بمدارس مجهزة وبرامج تعليمية تناسب العصر، لكن الوزارة ردت بعبارات بيروقراطية باردة، كأن الأزمة مجرد مشكلة اتصالات، لا مأساة تعليمية تمس مستقبل الأمة.

الإصلاحات التي أعلن عنها الوزير لم تتجاوز التصوير الإعلامي. المدارس ما زالت مكتظة، الأساتذة يئنّون تحت وطأة غياب التحفيز، والهدر المدرسي لم يزل رقمًا مفزعًا. إدارة التعليم أصبحت وفق منطق السوق: الحملات أولًا، التعليم الحقيقي لاحقًا… إن وُجد.

المشكلة ليست في الموارد، بل في قيادة عاجزة وعديمة الرؤية. الوزير يتصرف وكأن وزارته مشروع شخصي، يغلق الأبواب أمام النقابات ويطنش اقتراحات من يعيشون الواقع اليومي في الفصول. قرارات فوقية واستراتيجيات مكتبية تكشف عن انقطاعه عن جوهر التعليم.

التعليم المغربي يحتاج إلى قائد تربوي، لا مدير بمزاج تجاري. يحتاج إلى من يعرف أن الكلمة في الفصل أهم من الصورة الإعلامية، وأن نجاحه يقاس بعدد الأطفال الذين يجدون في المدرسة مستقبلهم، لا بعدد البيانات الصحفية.

محمد سعد برّادة ما زال يخلط بين التسيير والتربية، بين السوق والعلم، ويصر على إدارة التعليم بعقلية المصنع. المدرسة ليست مشروعًا استثماريًا، وكل محاولة لقيادتها بهذا النهج ستزيدها ارتباكًا وفقدان ثقة المجتمع.

إذا استمر الوزير على هذا النهج، فإن التاريخ لن يذكره كمن أصلح التعليم، بل كمن جاء ليزيد الفوضى والارتباك، مؤكّدًا أن المدرسة تحتاج إلى روح تربوية أكثر من حملات دعائية مصوّرة.