رياضة

يحترقون ثم ينبعثون من الرماد

أحمد الدافري (إعلامي)

ما حدث الجمعة للمنتخب المغر,بي  لأقل من 17 سنة في مباراته ضد منتخب الولايات المتحدة الأمريكية ضمن دور ال 32 من نهائيات كأس العالم لكرة القدم هو أمر يحتاج إلى تأمل.

منتخب الولايات المتحدة الأمريكية كان قد تصدر الترتيب في مجموعته بتسع نقط، بعد ثلاثة انتصارات متتالية على كل من بوركينا فاسو والتشيك وطاجيكستان.

أما المنتخب المغربى فقد كنا قد فقدنا الأمل في تأهله إلى الدور الثاني بعد هزيمة ضد اليابان بهدفين لصفر وهزيمة ضد البرتغال بستة أهداف دون مقابل.

صفر نقطة وناقص ثمانية أهداف بعد مبارتين.

يعني التأهل أحسن ثالث المجموعات كان يحتاج إلى ما يشبه المعجزة في المباراة الثالثة ضد كاليدونيا الجديدة.

وقد حدث ذلك الشيء الذي يشبه المعجزة.

سجل المنتخب المغربى 16 هدفا ضد كاليدونيا الجديدة دون أن تستقبل مرماه أي هدف. 

نتيجة تاريخية لم يسبق ان حدثت في نهائيات كأس العالم الخاصة بكرة القدم.

قد تحاول أن تبحث عن تفسير للأمر من خلال المنطق.

لكن لا منطق في كرة القدم.

هل من المنطقي أن يكون المنتخب المغربى قد خسر في مباراته الأولى ضد منتخب اليابان بهدفين لصفر، وأن يكون منتخب كاليدونيا الجديدة قد تعادل في مباراته الثانية ضد اليابان بدون أهداف، ثم يخسر  ب 16 هدفا دون رد ضد المنتخب المغربى الذي خسر ضد اليابان؟

إنه الجنون.

وهناك نوع من الجنون الذي يكون خارقا للعادة ويتحول إلى نوع من أنواع الفنون.

 فما حدث للمنتخب المغربى لأقل من 17 سنة في الدور الأول هو نوع من أنواع الفنون التي لا وجود لها سوى في ملحمتي الإلياذة والأوديسة الأسطوريتين اللتين كتبهما  هوميروس واللتين أراد أن يقنعنا من خلالهما أن آلهة الأولمب هي المسؤولة عن الأحداث في الحياة الدنيا، وهي التي تتدخل في شؤون البشر. 

ثم ما معنى أن ينبعث المنتخب المغربى من الرماد ويتأهل إلى الدور الثاني وهو الثالث في مجموعته ليلاقي المنتخب الامريكي الذي تصدر بارتياح تام مجموعته، ويسجل علبه  المنتخب الامريكي هدفا في الدقيقة 30، ثم يحتسب الحكم ركلة جزاء ضده في الدقيقة 55 ويضيعها اللاعب الأمريكي الذي حصل عليها بعد أن يسددها خارج المرمى؟

هل أصيب اللاعب الأمريكي بالعمى فحُجبت عنه الرؤية  ولم يستطع أن يرى أي جزء داخل المرمى يسدد فبه الكرة من نقطة الجزاء؟

ثم ما معنى أن تلمس كرة ذراع لاعب أمريكي في منطقة جزائه ويعود الحكم البيروفي إلى اللقطة بناء على طلب اللاعبين المغاربة ومدربهم الذي استعمل البطاقة الخضراء، ويرفض مشروعية ضربة الجزاء رغم أن اللقطة أظهرت خلال الإعادة من زوايا مختلفة ان الكرة لمست الذراع المرفوع للاعب الأمريكي وتغير اتجاهها؟

أليس هذا الحيف كفيلا بأن يبعث في نفوس الفتيان المغاربة مشاعر الخيبة والإحباط ومن شأنه أن يؤثر سلبا على معنوياتهم ويؤدي بهم إلى الاستسلام؟

أبدا.

 إن الذي دخل تاريخ مونديالات كرة القدم بتسجيل 16 هدفا دون رد، لا يمكن أن يتخلى عن إيمانه بأنه قادر على قلب الميزان، وهذا ما حدث حين دخل البديل اللاعب عبد الله وزان، الذي سجل هدف التعادل في الدقيقة 89 بطريقة لا يمكن أن تأتي سوى من لاعب ساحر فنان، قبل أن يتعرض مع الأسف لتدخل خشن من لاعب أمريكي أدى إلى مغادرته الميدان وهو مصاب، والبقية تكلف بها حارس مرمى المنتخب المغربى شعيب بلعروش بعد نهاية المباراة بالتعادل واللجوء إلى ركلات الترجيح، حيث صد ركلتين اثنتين وفاز بجائزة رجل المباراة بعد ان كان له الفضل في تأهل المنتخب المغربى إلى الدور الموالي.

المنتخب المغربى حاليا هو ضمن أفضل 16 منتخبا في العالم.

ولديه مباراة مقبلة ضد منتخب مالي العتيد إن فاز فيها سيصل إلى مرحلة ثمن النهاية، وإن لم يحالفه الحظ ينبغي أن نكون راضين عنه وألا نقسو عليه.

إنهم أبناؤنا وما زالوا في طور التكوين والقادم أفضل.

وهذا ما كان.