لا انفي لكم السيد الرئيس تبّون بأني برمجت ساعتي مع موعد إلقاء كلمتكم خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أوّل أمس.. وأصدق القول بأنك لم تخب أفق انتظاراتي وبترتيب عناوينها درجة أن القاعة كانت خاوية على عروشها لأن الجميع يعرف مسبّقاً أنّك ستتكلّم في كل شيء إلا موضوع وتيمة الدورة العمومية المحدد في ظاهرة او أزمة المناخ العالمي..
نعم السيد الرئيس كم كنت منبهراً وأنت تكرر وتلّح حد تهديد الأمم المتحدة بضرورة عقد قمة استثنائية خاصة بالقضية الفلسطينية وفي أقرب الآجال من أجل مقعد لها بهذه الهيئة.. وتساءلت لحظتها عن أسباب رفض دولتك بمجموعة البريكس.. وعن دوافع وصف نظامك وانت بالضبط برئيس لا وزن له ولا هبة أو تأثير..
كنت وأنا أتابع مداخلتك، أبحث عن الخلل بين رئيس مطرود بجنوب إفريقيا وآخر يتقمّص دور البطل المغوار بنيويورك، ومن على منصة العالم.. وبين هاتين الشخصيتين تستحق أن تكون الرئيس الوحيد الذي يكذب بصدق!!..
يكذب على نفسه وعلى شعبه.. لكن بصدق لا متناهي.. ويكذب على العالم أيضاً حين ألح على الأمم المتحدة إلى تصفية نهائية لآخر مستعمرة إفريقية بالصحراء ( الغربية) وللأمانة فقد جاءت بهذه الصيغة :
“.. حيث لا زال هناك شعب بكامله في الصحراء الغربية محروماً في تقرير مصيره عبر استفتاء حرّ ونزيه مع ما يتوافق مع القرار الأممي لسنة 1991”
سأترك جانبا التعليق على سندك القانوني الذي اعتمدته لأطروحتك الوهمية بالقول بأنك خارج الزمن الأممي التي تجبّ كل قراراته منذ 2007 ما سبق.. لكنّي ساركّز على أسطوانة الإستفتاء..للإشارة إلى أن من حسنات زلزال الحوز – رحم الله شهداءنا – هو تنظيم هذا الإستفتاء بأقاليمنا الجنوبية من خلال كمية ونوعية القوافل التضامنية التي انطلقت منها نحو اقاليمنا المتضررة جراء الزلزال تعبيرا عن الإنخراط التلقائي مع كل مكونات الشعب المغربي من شماله إلى وسطه..
قوافل كرسالة تعبئة مجتمعية للأمة الواحدة الموحدة ليس جغرافيا فحسب بل، وإثنيّاً في قلب واحد موحد..
بهذا المعنى ..ماذا سيضيف استفتاؤك الإحصائي أمام هذا الإنخراط الجماعي لساكنة أقاليمنا الجنوبية وفي أطول قافلة.. وكميات معتبرة من الدم لإخواننا هناك
أليس هذا استفتاء في أرقى تجلياته؟؟…
ما أروع الأقدار والأحداث والوقائع التي تجعلنا أكثر صلابة وقوة وصموداً.. وتجعلك انت وعصابتك أكثر عزلة وتهميشاً وحقارة أمام العالم..
نعم ، انتم على رأس نظام يملك الجرأة وبكل وقاحة إهانة الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء، وفتحت قنصليتها هناك ، من خلال القول : ( أمام المحاولات الهادفة إلى خلق شرعية من لا شرعية له) بما يعني أن كل الدول خارج القانون الدولي كما تراه او تتوهمه..
بل نسيت والحديث هنا عن الشرعية أن سنة 1957 ،ومن نفس المنبر الذي تقف فيه اليوم ،وقف المغفور له محمد الخامس يطالب باستقلال الجزائر كقائد تحرري إفريقي..
لذلك ،أؤكد بأن الرئيس الجزائري يكذب بصدق أثناء إلقاء كلمته الأخيرة بمقر الأمم المتحدة لأنّه يخفي حقيقة قرب إغلاق هذا الملف بشكل نهائي من خلال الزيارة الأخيرة لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ولأول مرة لأقاليمنا الجنوبية من جهة.. والجزائر وموريتانيا اولقائه مع ممثل جبهة البوليزاريو..
حقيقة واحدة ووحيدة، وهي أن الحل في هذا النزاع هو قبول المقترح المغربي كقناعة دولية بقيادة أمريكا صاحبة القلم بمجلس الأمن..و بمعية كل أصدقاء المغرب..
هي الحقيقة التي لا تستطيع ملامح وجه عطاف أو صوت الرئيس نفسه، وهو يلقي خطبته العصماء
حقيقة تسريبات من بعض معاوني ” ديموسترا” للإعلام الأمريكي والفرنسي حيث أبلغ “عطّاف” عند لقائه، بأن الرباط وضعت مهلة لقبول الطرف الصحراوي بهذا المقترح وهي تدرس – في حال انتهاء المهلة دون استجابة – خيار التراجع عنه نهائيّاً ..
بل إن المغرب أبلغ الأمم المتحدة ودول مجلس الأمن و الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وروسيا، كونها خصصت منطقة لگويرة لإسكان العائدين من مخيمات اللجوء بتندوف الذين سيختارون العيش تحت حكم وعلم المملكة المغربية.
وربطا مع ما تداولته عدة حسابات موريتانية لصور من الجرَّافات المغربية بمنطقة لگويرة، وهي تباشر عمليات تجهيز العديد من المساحات عن طريق ربطها بالكهرباء و الماء و الصرف الصحي وتحويلها إلى مناطق قابلة للتعمير يؤكد صحة هذه التسريبات.. دون أن أن ننسى أقوى تصريح من أحد أعيان الصحراء وشيوخها الأجلاء بمدينة الداخلة حين خاطب المبعوث الأممي مؤخرا قائلاً :
” قبولنا للحكم الذاتي هوفقط من باب احترامنا لقرار جلالة الملك.. غير ذلك فنحن في صحرائنا أراد من أراد او كره من كره”
أما المبعوث الشخصي للأمين العام فقد لخّص الأمور كلها في جملة :
“ إذا كانت الصورة بألف كلمة،فالنظرة بـ 100.000 كلمة”،
النظرة إلى الإنجازات الميدانية بمدن الصحراء المغربية… وانخراط أبنائها في تسريع وتيرتها التنافسية مع مثيلاتها من الحواضر المغربية الأخرى..
تاركة عبد المجيد تبون يقاوم ملل ورتابة انتظار الإستفتاء بالكذب على نفسه… لكن بصدق..