على باب الله

قانون المجلس الوطني للصحافة: تنظيم أم تلجيم!!

المصطفى كنيت

تواجه خطة الوزير المهدي بنسعيد، ومن و راءه عضو، في الحكومة، يحمل صفة التقنوقراطية، مقرب من التراكتور، بعيد عن الحمامة، ليس بينه و بين رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أي ود، و تحكم العلاقة بينهما الحكمة الشعبية القائلة:"العداوة ثابتة والصواب يكون"، [تواجه] رفضا مطلقا من قبل الصحفيين، الذين ارتفعت صرخاتهم بإدانة رغبة الوزير في إخراجهم من غرفة "الحجر"، التي دخلوها منذ زمن " كورونا" مع إعادة توزيع حصص الاكسجين [عفوا الدعم]، و إدخالهم غرفة "التدجين الحزبي" ليكونوا جاهزين عند خط انطلاق السباق نحو حكومة "المونديال".

غير أن الوزير نسيّ أن الطريق صعب وشاق وطويل، قد لا يصل، الذي سار فيه إلى كسب "الغنائم" الموعودة، أو إيصال العطايا المرفودة، لأن صاحبة الجلالة مجبولة على الحرية، و قد تنفلت من عقال، الذين يقتدونها، كرها و غصبا، إلى بيت الطاعة الحكومي، غير الآمن، بالمرة حتى على أولئك، الذين يتسابقون لدخوله، و يزعمون أن هذا "الفتح" يأتي في سياق التنظيم، و لكنه، في الحقيقة، يأتي في سياق التلجيم...

 وعلى الذين قبلوا لجام الحكومة، و انقادوا، بسهولة، لرسنها، أن يتذكروا، أنهم سيحتاجون، يوما، إلى جرعة أوكسين إضافية، و سيدفعون ثمنها غاليا، و هم محجرون في بيت مغلق الباب و النوافذ.

ذلك أن جوهر الصحافة هو الحرية، و ليس الانبطاح، و مهمتها النقد لا الإشادة، وهي سلطة مضادة، و ليست تابعة، و سيتحمل المصفقون وزر اللحظة التاريخية، لأنهم خارج إجماع الجسم الصحافي، و غرتهم الأماني، و قد يلقون مصير السامري في قوم موسى، إذا لم ينتهوا عن الارتماء في حجر حكومة عابرة.

العودة إلى "عين العقل" المهني، هي بداية "الثوبة"، أما عقل الوزيرينْ، الذي رسم خطة الاستيلاء على "صاحبة الجلالة"، تارة بمبرر الاستحقاقات الرياضية المقبلة، و تارة أخرى باسم ضبط وسائل التواصل الاجتماعي، و محاربة " الميوعة"، والتي لا يمارسها الصحافيون الحقيقيون، بل الذين سقطوا سهوا على المهنة، و دخلوا لها فقط من أجل ممارسة هذه المهمة القذرة، فلا يقيم لهذه المهنة أي اعتبار إلا بالقدر الذي تسايره في وهواه، و تُبرر ما لا تستطيع الحكومة نفسها أن تقنع الرأي العام به.

و أخشى ما أخشى أن لا يكون العجل الذي ابتاعتهم الحكومة ليس من دهب، بل مجرد ثور مستعد للفرار من الحضيرة، تماما كما فعل ذلك الثور في زمن الحجر الصحي، الذي فر من داخل مسالخ العاصمة في عز الحجر الصحي، و في ظل التنافس الشرس بين مستوردي الأبقار و العجول و اللحوم، حتى تشابه على الناس لونها وشكلها و مذاقها.

غير أن البنة الحقيقية، التي ألفتها أذواق المغاربة، هي "الطون بالحرور"، و راحة البال، التي لا ثمن لها، و هذا ما تفتقر له قلوبهم، إذا كانت لهم قلوب، أما أذنهم فأصابها الصمم.