طيلة أربع سنوات، غاب الشباب عن حسابات الأغلبية، وحتى في لحظات الاحتجاج، هنا وهناك، لم تلتفت إلى مطالبهم الهيئات السياسية والنقابية، و حتى، ربما، العائلة.
دور شباب مغلقة، دور ثقافة موصودة الأبواب، أما مشروع 150 قاعة سينمائية، التي بشر بها الوزير بنسعيد، فينعيها الواقع.
... فشل كبير في خلق فرص الشغل، سواء عن طريق برنامج أوراش أو فرصة، اللذان تم استغلالهما في الدعاية الحزبية، وتحكمت فيهما الزبونية، عوض أن يخطا مسارا لخلق مناصب شغل قار، لا تنتهي بمجرد إغلاق ورش أو نفاذ رصيد دعم أو قرض...
بل إن الشباب المغربي، كان أحيانا، ضحية لتنمر أو سخرية هؤلاء، الذين منهم من وصفهم ب "الجراثيم"، ومن أطلق عليهم زعيمه في "الخطب"، على المنصات، وقد شمر على ساعديه، مرددا أغنية:"مهبول أنا غادي في الأطوروت".
طبعا "لي لقا راحتو في الهبال أش بغا يدير بالعقل"... بعد أن اعتقد أن رئيسه قادر فعلا على أن يعيد لنا التربية، غير أن المغاربة الذين تربوا على حب وطنهم و دينهم و ملكهم كانوا له بالمرصاد، و تركوه يجري بالسرعة التي تُضخم ثروته، لا بالسرعة التي تحمي القدرة الشرائية للمغاربة، كما كان ينبغي أن يكون، إلى أن وجد نفسه يجري وحده، في آخر لفة من عمر الحكومة، خلف حشد من المواطنين بعضهم ما يزال واقفا في صف الانطلاقة.
هذا ما تقود له السرعة أكثر من اللازم، كما في المثل الشعبي:" قال ليه حماري مشاي... فرد عليه: المسرب طويل"، و لا شك أن طول الطريق متعب، والعداؤون، عادة، ما يقسمون نفسهم وإيقاع سرعتهم، حسب طول المسافة، إلا في سباقات المسافات القصيرة، التي تنطلق وتنتهي في رمشة عين.
و ماذا تمثل 4 سنوات في عمر دولة عمرها 14 قرنا، أليس مجرد رمشة.
و لو كانت الأغلبية، وحتى المعارضة، ساهمت في إنجاح تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول استيراد الأبقار والأغنام واللحوم للكشف عن 18 اسما استفادوا من 13 مليار درهم، في إطار الدعم الحكومي، بعد أن فضح وزراء حزب الاستقلال هذه الفضيحة، لكان الاطمئنان تسرب إلى نفوس الرأي العام، ولو كانت المعارضة نجحت في تقديم ملتمس الرقابة لفرّج النقاش كربة المغاربة...
غير أن الحكومة اختارت خنق الأنفاس، فسمعنا رئيس الحكومة يهدد في البرلمان:" إلى ابقيتو تابعين..."، حتى أصبح المواطنون تابعينو فعلا بشعار:" ارحل".
وبعده جاء قيادي من حزبه وخطب، مقطب الحاجبين، أن المغرب تنتظره كارثة لو توقفت الإصلاحات التي يقودها التجمع إلى أن انفجرت كارثة مستشفى أكادير، واحتجاجات المواطنين على الوفيات المتتالية لنساء أثناء الوضع... وهي الاحتجاجات التي نصح وزير الصحة الأطر الطبية بمستشفى مكناس بالقيام بها أمام مقر الوزارة بالرباط.
وإذا كان السير في الأطوروت يقلص من حجم مخاطر حوادث السير لما توفره من ضمانات السلامة والأمان للعربات، فإن السير في الطريق السيار للسياسة يلزم مستعملها بأقصى درجات الحيطة والحذر، لا ركوب الهبال، لأن المهبول مكانه الطبيعي " بويا عمر"، لا سامح الله الوزير الوردي على إغلاقه، لأنه هو المأوى الوحيد لبعض الذين قطر بهم سقف بعض الأحزاب، و حملوا حقائب لا يستحقونها ظانين أنهم حازوا مجدا حكوميا، و ما ينبغي لهم.
وحتى عندما خرج 3 ورزاء من 3 أحزاب، ووقفوا أمام بعض الصحافة في ختام أشغال المجلس الحكومي، الخميس، فقد ظهر على وجوههم الشحوب، و كلامهم الارتباك، حتى أن أحدهم نسب آية قرانية للرسول الكريم (ص) عوض رب العالمين.
و الأكيد أن كلام وزراء الأغلبية غذا فاقدا للمصداقية، من شدة ما أخلت الحكومة بوعودها.
و في ذلك ينطبق عليها قول كعب بن زهير:
أكرِم بها خُلَّةً لو أنها صَدَقَت
مَوعودَها أو لوَ انَّ النُصحَ مقبولُ
لكنها خُلَّةٌ قد سِيطَ من دَمها
فَجعٌ ووَلعٌ وإخلافٌ وتبديلُ
فما تدومُ على حالٍ تكونُ بها
كما تَلَوَّنُ في أثوابها الغولُ
ولا تَمَسَّكُ بالوعدِ الذي زَعَمَت
إلّا كما تُمسِكُ الماءَ الغرابيلُ






