رأي

محمد الطالبي: اعترافات البقالي تتطلب تدخل النيابة العامة والمحاسبة العاجلة

(صحفي/ نائب رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية )

 

لم تكن تصريحات الزميل  عبد الله البقالي، رئيس  لجنة بطاقة الصحافة المهنية، سوى محاولة متأخرة لتبييض صفحة لا يمكن تلميعها اليوم باعترافات مجتزأة أو “شجاعة” متأخرة. فالأستاذ البقالي، الذي خرج يندّد بالاختلالات ويدّعي أنه اصطدم بـ“استهداف واضح”، هو نفسه الذي ظل لسنوات جزءاً من منظومة شرعنت الانتقائية، وصمتت عن تجاوزات خطيرة داخل اللجنة المؤقتة، وسمحت بتحويل بطاقة الصحافة إلى أداة تصفية وحسابات.

البقالي، في الحقيقة،  بدا دائماً أسير توازنه الشخصي، يقترب حين يعتقد أن التيار لصالحه، وينسحب حين تهتز السفينة. وما يقدّمه اليوم على أنه “انتصار للقانون” ليس إلا قفزاً  في اللحظة غير  المناسبة بعد أن أصبحت الفضيحة أكبر من أن تُحتوى.

وإذا كان الأستاذ البقالي يقول إنه وجد نفسه “وحيداً” داخل الاجتماع، فذلك ليس لأن الآخرين ظالمون و هو الضحية، بل لأن وضعه  السياسي  جعله دائماً على هامش أي موقف حقيقي.

من يعجز عن مواجهة الإنحرافات في وقتها، ولا يتحرك إلا حين يشعر بأن الكرسي الذي يجلس عليه أصبح مهتزاً، لا يملك مشروعية ادعاء الدفاع عن القانون.

والأدهى من ذلك:

أن الأستاذ البقالي، رغم كل ما كشفه عن العبث والمساطر المعيبة، لم يعتذر إطلاقاً لأولئك الزملاء الصحافيين الذين تعرّضوا لأقسى درجات التعنيف الرمزي والمعنوي والنفسي داخل اللجنة.

لم يعتذر لمن حُطِّمت مساراتهم المهنية بقرارات جائرة، ولا لمن مورست عليهم الضغوط والإهانات العلنية، ولا لمن وجدوا أنفسهم في مواجهة سلطة اعتباطية، بينهم زملاء يعرفهم جيداً وكان شاهداً على ما لحقهم — بل إن بعضهم كان هو نفسه طرفاً مباشراً في صياغة مواقف ظالمة ضدهم.

ما سُمّي بـ“الاعترافات الخطيرة” التي قدّمها البقالي اليوم ليست مجرد تصريحات نارية أوفضائح إعلامية، بل تمثل وقائع ملموسة تتطلب المحاسبة القانونية وتحريك القضاء، لأنها تكشف عن تجاوزات تهدد مصداقية المؤسسات المهنية وكرامة الصحافيين، وتشكل أسساً لإجراءات تأديبية وجنائية ضد من استغل السلطة في الظلم والاستهداف.

وليس غريباً أن يأتي موقف البقالي اليوم متناقضاً مع كل المعنيين، النقابات، والحقوقيين، بل ومع النقابة نفسها التي رشحته ودافعت عن وصوله إلى المجلس الوطني حين كانت الآليات تُستغل لترقيته.

فقد علق الزميل  البقالي الذي،جردني  ومن معه من بطاقتي بدم بارد  على مشروع القانون بالايجاب  وعكس اتجاه شبه الإجماع الوطني والمهني، كمن يحاول اليوم أن يثبت استقلاليته الزائفة، متناسياً أنه ذاته استفاد من دعم النقابة قبل سنوات، وهو اليوم يلتقط موقع المعارضة المفترض ليظهر على أنه صوت القانون والعدالة، في حين أن موقفه  يكشف انتهازيته واستعداده للانعطاف وفق مصلحته الشخصية بعيداً عن أي التزام مهني أو أخلاقي حقيقي.

والأستاذ البقالي يشهد ويعرف كل المحاولات الدنيئة والقرارات الظالمة التي اتخذتها اللجنة على الأقل يعرفها ، والتي كانت تهدف إلى مهاجمة النقابة التي ساهم في صنعها هو .

فهذه الحقيقة تكشف تناقضه بين دوره في قيادة  ودعم النقابة سابقاً، وبين مواقفه الحالية التي تتماهى مع محاولات إضعافها واستهدافهابكل السبل ولينا سيل من القرارات والمواقف تزكي،ما اقولى.

والمنطق يقتضي اليوم مراجعة جميع المتابعات، على الأقل تلك التي حركتها اللجنة المعيّنة من طرف الحكومة، والتي عاتت ظلمًا ضد  كل الأقلام التي تنتقد الحكومة.

ما يقوم به الأستاذ البقالي هو محاولة للتستر على كل ما فات  بالإعتراف بواقعة واحدة، ونقول له بالمناسبة: كنت أنتظر استقالتك لا انتظارك خروج القانون المعيب للمجلس الوطني ليفتح لك كوة ضوء تعودون منها أو تعود منها  باسم بطاقة  مهنية لا يستحق من تلوثت يداه بامتهان  ودوس كرامة الصحفيين أن يكون حتى ملاحظا لمنحها

 و تجاهل هذه الحقيقة المرة للأسف ... هولاء  يتحدثون اليوم عن صناعة أوهام وأبطال في،مجال هوصلب الاأخلاق  .

 المناضل يقوم  دفاعاً عن المظلومين، لا دفاعاً عن نفسه وعن صورته واستعمال الضحية المفترضة كدرع بشري . ولا يكشف “الحقائق” من باب الجرأة، بل من باب الهروب من المسؤولية بعدما ضاق الخناق.

إن الأستاذ البقالي لم ينتصر للمهنة…

بل انتصر لنفسه حين أدرك أن ما بني على باطل لا يحمي أحداً، وأن الصمت طويل الأمد لا يمنح حصانة حين تنكشف الأوراق.

ما جرى ليس مجرد اختلاف داخل لجنة مؤقتة، بل فضيحة تُسائل الضمير المهني والقانوني، وتكشف كيف تحوّلت المؤسسات إلى ساحات انتقام بدل أن تكون فضاءات حماية لكرامة الزملاء الصحافيين وهنا الكلمة للقضاء في بلد لا أحد فوق القضاء كما صاغها البقالي مرات ضدصحفيين عزل طلبوا فقط حماية القانون ليست جلسة حميمية كانت بل جلسة وجلسات تأنيب وتعذيب فاشستي.

الأساسي أن المعركة ليست معركة ماض أو ممارسات كلمة الحق الزميل البقالي يجب أن تصرخ بها في قانون سيكبل المهنة والمهنيين ويحولنا الى مجرد عبيد في محراب مالكي وسائل الإعلام .